ترسانة قوانين والهدف المعارضة

( ورقة عن أهم الاتهامات و القوانين التي يستخدمها النظام المصري ضد المعارضة )

مقدمة :

كانت واحدة من مطالب الثورة المصرية في 25 يناير 2011هو إقامة دولة القانون – و هي النظام السياسي والدستوري الذي يحكمه القانون، حيث يخضع جميع الأشخاص، بمن فيهم الحكام، للقانون. وتشمل المبادئ الأساسية لدولة القانون ما يلي:

  • سيادة القانون: أي أن القانون هو أعلى سلطة في الدولة، وأن جميع الأشخاص، بمن فيهم الحكام، يخضعون للقانون.
  • الفصل بين السلطات: أي أن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مستقلة عن بعضها البعض، ولا يجوز لأي منها أن تمارس سلطة أخرى.
  • المساواة أمام القانون: أي أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون، بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو أي تمييز آخر.
  • حماية الحقوق والحريات: أي أن الدولة ملزمة بحماية حقوق وحريات جميع الأشخاص، بما في ذلك الحق في الحياة والحرية والأمان والحق في التعبير والتجمع والمشاركة السياسية.

و تكمن أهمية قيام دولة القانون في انها تحمي حقوق الإنسان وتعزز الديمقراطية والاستقرار السياسي. و تضمن أن يتم تطبيق القانون على الجميع، بغض النظر عن مركزهم الاجتماعي أو السياسي. كما أنها تحمي حقوق وحريات الأفراد، وتمنع الحكام من التعسف في استخدام السلطة.

و لكن هذه الفكرة مرت بعدة محطات في مصر بعد ثورة يناير 2011 , فرغتها من محتواها و جعلتها أداة في يد السلطة.

فبعد الثورة مباشرة و أثناء مرحلة تولي  المجلس العسكري إدارة البلاد قاموا بعمل إعلانا دستوريا مكملا يقضي بتوليهم سلطة التشريع إلى حين انتخاب مجلس شعب جديد بعد إصدار دستور جديد للبلاد و ذلك في يونيو 2012 قبل تولي الرئيس السابق محمد مرسي الرئاسة[1].

 و هو الأمر الذي واجهه الرئيس السابق محمد مرسي بعد توليه الرئاسة بإصدار قرارا جمهوريا بعودة مجلس الشعب ودعاه للانعقاد ثانية حتى اجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال شهرين بعد اقرار الدستور الجديد للبلاد[2].

في أول تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر بشكل رسمي,  أصدر 171 قانونا عام 2014 و25 فى عام 2015، بإجمالي  196 قانون جديد , كان على مجلس النواب أن يقوم بمهمة  استثنائية و معقدة و هي مراجعة عدد هائل من القوانين و هو الأمر الذي لم يسبق له مثيل منذ بداية الحياة البرلمانية في مصر عام 1923 [3].

و على الرغم من وجود قوانين قديمة تنظم أغلب الأمور التي تم تنظيمها في القوانين الجديدة , و لكن مجرد إعادة انتاج القوانين يعطي إشارة للأجهزة التنفيذية و السلطة القضائية و حتى التشريعية بأن أجندة أولويات النظام هي هذه المواضيع .

و هكذا بعد صعود السيسي الي الحكم سواء بشكل رسمي أو حتى في الفترة الانتقالية تحت رئاسة الرئيس المؤقت “عدلي منصور” تم اصدار ترسانة من القوانين منها : قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم 107 لسنة 2013 , القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب , قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 , قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي 149 لسنة 2019  و عدة قوانين أخرى , كل هذه القوانين استطاعت ان تكون بديل لفكرة فرض حالة الطوارئ فاصبحت حالة الطوارئ موجودة بشكل ضمني في القوانين العادية .

تقوم هذه الورقة بالتعريف بأهم المواد القانونية التي تستخدمها الدولة في اتهام المعارضين السياسيين لها و التعليق عليها و شرحها

 
الاتهامات الموجهة للمعارضة في مصر :

قبل صدور القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب كانت الاتهامات الموجهة تستند على بعض المواد الواردة في قانون العقوبات المصري رقم 85 لسنة 1937 وبعض المواد في قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، إلى أن تم نسخ تلك المواد وإلغائها ضمنياً بعد صدور القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، عدا بعض المواد الخاصة بنشر الأخبار الكاذبة والتي يتم العمل بها جنباً إلى جنب مع قانون مكافحة الإرهاب.

 
المواد المنسوخة والملغاة ضمنياً:
أولاً: الاتهامات الموجهة بتأسيس والانضمام وتمويل جماعة إرهابية

1- مادة (12) من قانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015:

يُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة إرهابية، أو تولى زعامة أو قيادة فيها. ويُعاقب بالسجن المشدد كل من انضم إلى جماعة إرهابية أو شارك فيها بأية صورة مع علمه بأغراضها، وتكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات إذا تلقى الجاني تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدى الجماعة الإرهابية لتحقيق أغراضها، أو كان الجاني من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة. ويُعاقب بالسجن المؤبد كل من أكره شخصاً أو حمله على الانضمام إلى الجماعة الإرهابية، أو منعه من الانفصال عنها. وتكون العقوبة الإعدام إذا ترتب على الإكراه أو الحمل أو المنع وفاته.

2- مادة 13 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015:

يُعاقب بالسجن المؤبد كل من ارتكب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب إذا كان التمويل لإرهابي, وتكون العقوبة الإعدام إذا كان التمويل لجماعة إرهابية أو لعمل إرهابي.

3- مادة 18 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015:

يُعاقب بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنين، كُل من حاول بالقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع أو بغير ذلك من وسائل العمل الإرهابي قلب نظام الحكم أو تغيير دستور الدولة أو نظامها الجمهوري أو شكل الحكومة.

ثانياً: الاتهامات الموجهة للترويج للأعمال الإرهابية:

1- مادة 28 من القانون 94 لسنة 2015 – قانون الإرهاب:

يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل من روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى. ويُعد من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف. وذلك بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة من هذه المادة. وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنين، إذا كان الترويج داخل دور العبادة، أو بين أفراد القوات المسلحة، أو قوات الشرطة، أو في الأماكن الخاصة بهذه القوات. ويُعاقب بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للاستعمال، ولو بصفة وقتية، بقصد طبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.

ثالثاً: الاتهامات الموجهة بنشر أخبار كاذبة

1- مادة 80 (ب) من قانون العقوبات:

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصري أذاع عمداً في الخارج أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاط من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب.

2- مادة 102 مكرر من قانون العقوبات:

يعاقب بالحبس وبغرامة لاتقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائتي جنيه كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.

3- المادة 86 مكرر من قانون العقوبات:

يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار, على خلاف أحكام القانون, جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة, يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها, أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون, أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي. ويعاقب بالسجن كل من تولى زعامة, أو قيادة ما فيها, أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه.

ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات, أو العصابات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو شارك فيها بأية صورة, مع علمه بأغراضها.

ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة السابقة كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى, وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات, أياً كان نوعها, تتضمن ترويجاً لشيء مما تقدم, إذا كانت معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها. وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية, استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.

4- المادة 23 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977:

يعاقب بالحبس كل مـن انضم الـى تنظيم حزبى غير مشروع ولـو كان مستترا تحت أى ستار دينى أو فـى وصف جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أيـا كانت التسمية أو الوصف الذى يطلق على هذا التنظيم . وتكون العقوبة السجن إذا كـان التنظيم المذكور فـى الفقـرة السابقـة معاديا لنظـام المجتمـع أو ذا طابع عسكرى أو شبه عسكرى أو أخذ طابـع التدريبات العنيفة التى تهدف الى الاعداد القتالى , أو اذا كان التنظيم قد نشأ بالتخابر مع دولة اجنبية وكان الجاني يعلم بذلك .

وتكون العقوبة السجن المشدد اذا كـان التنظيم المذكور قـد نشأ بالتخابر مع دولة معادية وكان الجانى يعلم بذلك.

5- مادة  22 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977:

يعاقب بالسجن كل من انشأ أو أسس أو نظم أو أدار أو موّل على أية صورة على خلاف أحكام هذا القانون تنظيما حزبيا غير مشروع ولو كان مستترا تحت أى ستار دينى أو فـي وصف جمعية أو هيئة أو منظمـة أو جماعـة أيا كـانت التسمية أو الوصف الذى يطلق عليه .

وتكـون العقوبـة الأشغال المؤبدة أو السجن المشدد إذا كان التنظيم الحزبى غير المشروع معاديا لنظام المجتمع أو ذا طابع عسكرى أو شبه عسكرى أو أخـذ طابع التدريبات العنيفة التى تهدف الى الاعداد القتالى , أو إذا ارتكبت الجريمة بناء على تخابر مع دولة معادية .

وتقضى المحكمة فـى جميع الأحوال عند الحكم بالإدانة بحـل التنظيمات المذكـورة وإغلاق أمكنتها ومصادرة الأموال والأمتعة والادوات والأوراق الخاصة بها أو المعدة لاستعمالها.

رابعاً: الاتهامات الموجهة بإساءة استعمال وسائل التواصل:

1- مادة 29 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015:

يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج.

ويُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين، كل من دخل بغير حق أو بطريقة غير مشروعة موقعاً إلكترونياً تابعاً لأية جهة حكومية، بقصد الحصول على البيانات أو المعلومات الموجودة عليها أو الاطلاع عليها أو تغييرها أو محوها أو إتلافها أو تزوير محتواها الموجود بها، وذلك كله بغرض ارتكاب جريمة من الجرائم المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة أو الإعداد لها.

ويجوز بقرار من النيابة العامة المختصة وقف المواقع المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أو حجبها أو حجب ما تتضمنه من أوجه الاستخدام المنصوص عليها في المادة والتحفظ على الأجهزة والمعدات المستخدمة في الجريمة.

2- المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018:

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشا أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً.

3- المادة 34 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 75 لسنة 2018:

إذا وقعت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو بمركزها الاقتصادي أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها، أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي تكون العقوبة السجن المشدد”

اتهامات أخري

هدم القيم الأُسرية

1- مادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته, أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.

 التعليق:

هذا النص بما ورد فيه من ألفاظ عامة ” كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية………” يستحيل ضبطها ويسهل تأويلها والتحميل عليها بأكثر من معنى وبالتالي فهي تبعد كل البعد عن أي معايير فقهية أو دستورية منظمة لحدود التجريم وبالتالي القدرة على إخراج الفعل من دائرة المباح إلى دوائر الحظر والتجريم وهي ما يقتضي أن يُفرض عليها عقوبات وهذا يتعارض مع مواد الدستور أرقام 57، 94، 95، 96، 99.

2- المادة 98ج من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937:

كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار في الجمهورية المصرية من غير ترخيص من الحكومة جمعيات أو هيئات أو أنظمة من أي نوع كان ذات صفة دولية أو فروعاً لها يُعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ستة أشهر أو بغرامة لاتجاوز خمسمائة جنيه ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة إذا كان الترخيص بناء على بيانات كاذبة.

ويُعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لاتزيد على ثلاثمائة جنيه كل من انضم إلى الجمعيات أو الهيئات أو الأنظمة المذكورة.

وكذلك كل مصري مقيم في الجمهورية المصرية انضم أو اشترك بأية صورة من غير ترخيص من الحكومة إلى تشكيلات مما ذكر يكون مقرها في الخارج.

التعليق:

هذا النص من النصوص التي تستخدم كسيف مسلط على المنظمات الحقوقية لتقييد عملها وإيجاد مسوغ قانوني لتجريم وجودها وبالكاد يتعارض مع مواد الدستور ومواد الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر وعلى العهود والمواثيق الدولية.

قانون الإرهاب .. إرهاب المعارضة :

 

و رغم كل هذه المواد القانونية , يظل القانون رقم 94 لسنة 2015 الخاص بمكافحة الجرائم الإرهابية و المعروف بقانون الإرهاب هو الأكثر استخداما , خاصة ان به مواد يتم استخدامها بشكل موسع ضد المعارضين السياسيين و المواطنين عامة .

اهم القواعد الاستثنائية الواردة فى قانون مكافحة الارهاب رقم 94 لسنة 2015

1- مادة 5 :

يعاقب على الشروع فى ارتكاب اية جريمة ارهابية ، بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة.

التعليق :

هذه المادة ساوت بين الشروع فى ارتكاب الجريمة والجريمة التامة فالمتعارف عليه فى القواعد العامة وبنص المادة 45 من قانون العقوبات التى تنص على ان “الشروع هو البدء فى تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية او جنحة …..”

والمادة 46 من قانون العقوبات تنص على ان “يعاقب على الشروع فى الجناية بالعقوبات الاتية الا اذا نص قانوناً على خلاف ذلك : بالسجن المؤبد اذا كانت عقوبة الجناية الاعدام

بالسجن المشدد اذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد …”

اذا المشرع فى هذه المادة خرج على القواعد العامة فى الشروع وساوى بين الجريمة التامة والشروع فيها.

2- مادة 6

“يعاقب على التحريض على ارتكاب اية جريمة ارهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة …… ولو لم يترتب على هذا التحريض اثر …”

التعليق :

التحريض هو صورة من صور المساهمة الجنائية وهو لا يتحقق الا اذا وقع الفعل المكون للجريمة وذلك وفقاً للقواعد العامة فى المساهمة الجنائية اما فى قانون مكافحة الارهاب فإن المشرع يعاقب بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة على التحريض حتى ولو لم تقع الجريمة

مادة 8 :

“لا يسأل جنائياً القائمون على تنفيذ هذا القانون اذا استعملوا القوة لاداء واجباتهم …”

التعليق :

صياغة هذا النص بهذه الطريقة يعطى السلطات الطمأنينة بانهم غير ملاحقين جنائياً ، ويعد مانع من موانع المسئولية ويطلق العنان لرجال السلطات العامة فى الاستخدام المفرط للقوة دون رقيب ويزيد من حالات القتل خارج اطار القانون

مادة 10 :

“استثناءاً من احكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز النزول بالعقوبة المقضى بها فى احدى الجرائم المنصوص عليها بالمواد ……………… من هذا القانون الا لدرجة واحدة”

التعليق :

المادة 17 من قانون العقوبات او ما تعرف بمادة الرأفة تعطى المحكمة الحق فى استعمال الرأفة فمثلاً يجوز القضاء بتبديل العقوبة على عقوبة الاعدام كعقوبة السجن المؤبد وعقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد او السجن.

اذا فاستعمال الرأفة حق مقرر بموجب نص تشريعى للمحكمة ، وحرمان المحكمة من استعمال هذا الحق يناقض مبدأ تفريد العقوبة احد أهم المبادىء التى يقوم عليها التشريع الجنائى العقابى.

مادة 40 :

لمأمور الضبط القضائى لدى قيام خطر من اخطار جريمة الارهاب ولضرورة تقتضيها مواجهة هذا الخطر ، الحق فى جمع الاستدلالات عنها والبحث عن مرتكبيها والتحفظ عليهم لمدة لا تتجاوز اربع وعشرين ساعة ويحرر مأمور الضبط القضائى محضراً بالاجراءات ويعرض المتحفظ عليه صحبة المحضر على النيابة العامة او سلطة التحقيق المختصة بحسب الاحوال وللنيابة العامة او سلطة التحقيق لذات الضرورة المنصوص عليها فى الفقرة الاولى من هذه المادة وقبل انقضاء المدة المنصوص عليها فى الفقرة الاولى من هذه المادة ان تأمر باستمرار التحفظ لمدة اربعة عشر يوماً ولا تجدد الا مرة واحدة ويصدر الامر مسبباً من محام عام على الاقل او ما يعادلها……………………”

التعليق :

من المتعارف عليه فى القواعد العامة للقبض ان سلطة مأمور الضبط هو قيامه بالقبض على المتهم ويقوم بعرضه على النيابة المختصة لتقوم بدورها بالتحقيق معه لان سلطة التحقيق ليست من سلطة مأمورى الضبط وانما هى من سلطة النيابة

وتنتهى علاقة مأمورى الضبط بالمتهم فور عرضه على النيابة

اما فى هذه المادة اعطى المشرع سلطة لمأمورى الضبط فى التحفظ على المتهم لمدة تصل لـ 28 يوم قبل التحقيق معه من قبل النيابة العامة ووقوع المتهم فى قبضة مأمور الضبط وفى ظل ما يمارس من انتهاكات فى حق المتهم يكون المتهم عرضة لانتزاع اعترافات غير حقيقية منه

هذه المادة تخالف المادة 54 من الدستور

“……….. ويجب ان يبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ويحاط بحقوقه كتابة ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فوراً وان يقدم الى سلطة التحقيق خلال 24 ساعة من وقت تقييد حريته ……….. “

والمادة 36 من قانون الاجراءات الجنائية

“يجب على مأمور الضبط القضائى ان يسمع فوراً اقوال المتهم المضبوط واذا لم يأت بما يبرئه يرسله فى مدى 24 ساعة ثم تأمر بالقبض عليه او اطلاق سراحه”

اذا فهذه المادة تعتبر تقنين لجريمة الاخفاء القسرى .

مادة 46 :

للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بحسب الاحوال فى جريمة ارهابية ان تأذن بأمر مسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً بمراقبة التسجيلات والرسائل التى ترد على وسائل الاتصال ………”

التعليق :

قبل صدور قانون الارهاب كان سلطة اصدار الاذن بمراقبة التسجيلات والرسائل و …..و……و……….. الخ هى من سلطات القاضى الجزئى لما فى ذلك الامر من خطورة وتهديد لحرمة الحياة الخاصة

اما فى قانون مكافحة الارهاب فإن المشرع اعطى هذا الحق للنيابة وذلك بالمخالفة لنص المادة 206 من قانون الاجراءات الجنائية التى تنص على “………. ويشترط لاتخاذ اى اجراء من الاجراءات السابقة الحصول مقدماً على أمر مسبب بذلك من القاضى الجزئى بعد اطلاعه على الاوراق ……………….”

والاهم مخالفة ذلك للمادة 57 من الدستور

“للحياة الخاصة حرمة وهى مصونة وللمراسلات البريدية والبرقية والالكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة …………”

مادة 50 :

تختص دائرة او اكثر من دوائر محاكم الجنايات يكون رئيس كل منها بدرجة رئيس محاكم الاستئناف لنظر الجنايات من الجرائم الارهابية …………………….”

التعليق :

تحديد دوائر بعينها لنظر قضايا الارهاب يضرب بعرض الحائط القواعد العامة القانونية فى الاختصاص النوعى والرقمى لنظر القضايا

ويجعل هذه الدوائر من السهل السيطرة عليها من النظام وتوجيهها لاصدار احكام لها طابع سياسى

وتتعارض هذه المادة مع نص المادة 97 من الدستور والتى تنص على “التقاضى حق مصون ومكفول للكافة وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى وتعمل على سرعة الفصل فى القضايا ، ويحظر تحصين اى عمل او قرار ادارى من رقابة القضاء ولا يحاكم شخص الا امام قاضيه الطبيعى والمحاكم الاستئنافية محظورة

خاتمة :

في ظل غياب كل أشكال التمثيل الحقيقي للمواطنين , تكون القوانين الحاكمة هي صنيعة طرف واحد وهو السلطة , و ما قام به عبدالفتاح السيسي  من تعديل للدستور في 2019 هو ختام لسلسلة طويلة من مجموعة من القوانين التي كان هدفها هو السيطرة على المجتمع المصري ككل و المعارضة السياسية خاصة . ترسانة من القوانين التي أترت كل السلطات الاستثنائية ووضعتها داخل مجموعة من القوانين مما يجعل النظام المصري قادر على مواجهة انتقادات قد تطوله من حين لأخر من المجتمع الدولي  بأننا نحاكم إرهابيين و ليس معارضين و أننا نطبق القانون و نحترمه

المصادر:


قانون مكافحه الإرهاب.
قانون الاحزاب السياسية.
كود قانون العقوبات.
منشورات قانونيه.
مذكرة الطعن بعدم دستورية قانون الارهاب للاستاذين طارق عبد العال وطاهر ابو النصر .
قانون مكافحه جرائم الانترنت.

[1] https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/06/120617_egypt_election_scaf

[2] https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/07/120708_egypt_parliament_decision

[3] https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=04082015&id=e1aee73e-be2f-49ee-926c-8e2bad0c4a95